إتحاد المحامين الليبراليين و مؤسسة فريدريش ناومان
الليبرالية و تحديات المستقبل
مواضيع الندوة / حرية تأسيس الأحزاب – معوقات الليبرالية في مصر
المتحدثين / أ. أنور عصمت السادات – د. رفعت لقوشه
المكان / فندق فلامنكو الزمالك
التاريخ / 9 إبريل 2009
المنسق العام / محمد طلعت
مقدم الندوة / أبو النصر أبو المجد
المدير العام / شادي طلعت
قام بتقديم الندوة الأستاذ / أبو النصر أبو المجد ورحب في البداية بالحضور و بكل من الأستاذ / أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح و التنمية و الدكتور / رفعت لقوشة أستاذ الإقتصاد و الكاتب الليبرالي :
و في كلمة الإستاذ / أنور عصمت السادات قال :
توجه بالشكر أولآ إلى كل من إتحاد المحامين الليبراليين و مؤسسة فريدريش ناومان و في بداية حديثه عن موضوع الندوة / قال دعونا نتحدث أولآ بعيدآ عن الورق و عن الكلام الأكاديمي و نتحدث أولآ عن الإنسان و حرياته في العقيدة و الإتجاه السياسي و حريتة في إعتقاد أي فكر يراه ، و أن الحرية ليست فقط في تأسيس الأحزاب أو عمل جمعية أهلية أو تأسيس منظمة مجتمع مدني ، و هذا هو تصورنا و هذا هو مفهوم الليبرالية ، فكلمة الليبرالية و ليس كما يظن البعضأو يعتقد أن هذا المفهوم يسئ إلى الأديان .إن الليبرالية تعني الحرية و الحرية في النهاية محكومة بعدة قواعد مثل القيم والأخلاق و حقوق الإنسان ، إلا أن الحريات منذ ثورة 1952 و حتى الآن محدودة جدآ بإستثناء حالة أو حالتين و يمكننا القول أن فترة ما قبل الثورة كان فيها حرية تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار أما الوضع الراهن و الذي يحيل مسألة تأسيس الأحزاب إلى لجنة تابعة للحكومة و جميعنا يعرف تشكيل هذه اللجنة و التي يشكل أعضائها بالإختيار و التعيين مثلهم مثل مجلس المرأة ! و المجلس القومي لحقوق الإنسان ! و ما دامت أساليب تشكيل تلك اللجان بهذه الطريقة فنحن لا ننتظر منها خيرآ لأنها في النهاية أجهزة حكومية و الشخص الذي يقوم بالتعيين هو نفسه الذي يقوم بالإقالة ! و بالنظر إلى الوضع الراهن لحرية تأسيس الأحزاب الليبرالية نجد أنها مسألة غاية في الصعوبة و أنا دائمآ أقول بالنسبة لمفهوم الليبرالية أنه مبهم لكثير من أفراد الشعب و قد رأينا في الفترات الماضية أحد الزعماء المرشحين للبرلمان قد خسر الإنتخابات بسبب أن خصومه إتهموه بالليبرالية و الديمقراطية فلا زال هناك غموض يعتري هذا المفهوم نظرآ للأمية المتفشية و لا زلنا في مجتمع يتم فيه خداع الشعب بالألفاظ إننا على سبيل المثال في حزب الإصلاح و التنمية أعلنا أننا لا نسعى للإشتراكية القديمة أو لليبرالية المتوحشة فنحن نؤمن بالدور الرقابي للدولة و العدالة الإجتماعية و حرية الإنسان .إن المجتمع الآن مختلف عن المجتمع منذ عقود فلم نرى أحداث العنف التي تحدث في وقتنا الحالي مثل التحرش الجنسي و الأنانية التي أصبحت موجودة الآن ، و لنكن صرحاء فبعد قيام الثورة حدث صراع في الطبقات و حدثت ظواهر جديدة على المجتمع و يجب أن نقف عند هذه الظواهر و لا بد من وضع حلول لها فالسياسة متغيرة فلم يوجد رئيس يتبع سياسة من كان قبله ، عندنا في مصر مثلآ ، و إذا ما سألنا أنفسنا سؤالآ ماذا لو حدثت حرب الآن هل سيتدافع الشباب لخوض الحروب أم سيقولون و لماذا نقاتل هل نقاتل لأجل أمثال / أحمد عز أو هشام طلعت مصطفى هل نقاتل نحن و نموت و غيرنا يجمع في يجمع في ثرواته ! في النهاية أود القول إلى أننا نستحق ما نحن فيه فالسلبية أصبحت منهجآ جميعنا يتخذه و ليس فينا من لديه إستعداد للخسارة و لذلك أقول أن شخصآ مثل الدكتور / أيمن نور قد دفع الكثير و دخل السجن لمدة 4 سنوات و لا زال يقدم التضحيات .في النهاية أقول أن مايهمنا هو الإنسان و مفهوم الليبرالية و غيرها من المفاهيم المختلفة معها نظريات و علينا أن نأخذ ما يتناسب منها منهجآ لنا على أن يكون متفقآ معنا .
ثم تحدث الدكتور رفعت لقوشة عن معوقات الليبرالية في مصر و قال :
من المؤكد أن هناك معوقات و من المؤكد أن الطريق ليس سهلآ و أول معوق لليبرالية هم طبقة الفقراء التي لا تنسجم مؤهلاتها الفكرية مع الليبرالية أيآ ما كان مواقع الجناح الذي تستقر فيه حكمآ أو معارضة و أيآ ما كان مسمى المعارضة إليها و من البداية تبدو و كأنها صفوة مغلقة و الليبرالية لا تطلب صفوة مغلقة و إنما تطلب نخبة مفتوحة و هناك فرق بين النخبة و الصفوة فالصفوة تتداول الإمتيازات و هي تؤمن بالإقصاء و النخبة شئ آخر فهي التي تقدر على تبيان الأفكار و هي لا تؤمن بالإقصاء فلا إقصاء لأحد طالما إحترم قواعد اللعبة الأمر الآخر على ضفتي الحكم و المعارضة حينما نستبعد الناس من خطاب الحديث أو نستبعدهم من أو من مركز الفعل ثم نتحدث عن الليبرالية فلن يكون لها وجود فلن تكون هناك ليبرالية إلا بالإيمان بالناس ، و الصفوة لا تؤمن بالناس و بالتالي تضع العوائق أمام الليبرالية و عندما لا تؤمن بالناس فالخطاب يكون موجهآ لغرائز الناس !و في نفس الوقت نجد أن النخبة لديها ولع بتفسير التاريخ على ضفتي الحكم و المعارضة و القضية في التاريخ المصري أنه تاريخ فرعوني و أن هذه العلاقة أبدية بمعنى أن الإله هو الحاكم و الشعب هم العبيد ، و عندما يصبح هذا هو الحكم على التاريخ المصري فلن يكون هناك محل لليبرالية ! مع أن الحقيقة أن التاريخ عكس مايروج عنه من هؤلاء السادة المؤرخين ففي العصر الفرعوني حدثت المظاهرات ، كما أن بناء الأهرامات كان عقدآ إجتماعيآ ليدخل الفرعون الجنة و من ثم يدخل من يموتون بعده إلى الجنة .من المؤكد أن المشهد السياسي في مصر يطرح معوقات ليبرالية خاصة و أن الأحزاب في مصر و القوى السياسية تبدو عاجزة أو غير راغبة في أي مراجعات فكرية و بدون قوى سياسية قادرة على أن تقوم بمراجعات فكرية فإننا بالفعل نتحدث عن وجود معوق أمام الليبرالية .إن تحول الليبرالية إلى أيدولوجية يعني موت الليبرالية ففرصة الليبرالية كأيدولوجية أن تواجه الأيدولوجيات الأخرى ، و هذا المعوق صنعه الليبراليين بأنفسهم و في نفس الوقت حينما نرصد المشهد السياسي في مصر نجد أنه مسطح بدون تضاريس لأننا عندما نعود إلى الليبرالية فإننا نجدها لا تعطي القيمة لكل ما يتم تداوله في السوق و إنما تعطي الأهمية لما لا يتم تداوله في السوق و في الإزدهار الليبرالي تزدهر أفكار و إبداعات جديدة و قضايا علمية و فكرية ، لا يتم تداولها في السوق ، أما التسطيح الثقافي فيتم فيه تداول كل شئ داخل السوق و لا يتم تداول أي شئ خارج السوق .و تكمن المشكلة أيضآ في الثقافة الشعبية لأنها معادية لليبرالية فالليبرالي وفقآ للثقافة الشعبية هو شخص يزدرء الأديان و في نفس الوقت يفتقر إلى الحس الإجتماعي ، و يجب أن لا نلقي بالتهمة على الناس فلم يستقر بوجدانهم هذا لأنهم أغبياء أو جهلة ! و من البدايات أيضآ قضية أن الليبرالي منحل أخلاقيآ و سبب ذلك أن هناك كتابات تصدى لها البعض و إنتهت كتاباتهم إلى أن يقروا إلى أن من هو ليبرالي غير ملتزم أخلاقيآ ! و كانت هذه الكتابات لأنهم عجزوا عن قرائة كتابات هولز و كان يقول "الحرية هي أن كل الكائنات العاقلة و غير العاقلة و الساكنة تسلك بدون معوقات" فقام البعض بتفسر كلامه على هذا النحو : أنها تسلك بدون روادع ! و واقع الأمر أن هولز كان يقصد أنها تسلك و فقآ لقانون الحركة و بالتالي فكرة بدون عوائق مقصود بها عوائق قانون الحركة ، و بالتالي قانون الحركة الليبرالي للفرد أنه قادر و راغب على تنمية نفسه و من ثم لا تعود حريته إنحلال و لكن تطور و من هنا يصبح شخصآ مسؤلا .
و ما أقوله لكم لم يقوله بعض اللذين كتبوا عن الليبرالية و لم يذهبوا ليقولوه للناس و تركوا الناس تحت أثر إنطباعات لم يخلقوها بل تلقوها من الآخرين .و الليبرالية و إزدراء الأديان جاءت من رد الليبراليين عندما يتم سؤالهم عن الدين فيقولون أنهم ليس لهم علاقة بالدين و هم لا يقصدون بذلك أنهم ضد الأديان الأديان و لكنهم يتهربون من سؤال لم يجدوا له إجابة !
و حينما تقول مثل هذا الرد لشعب المكون الديني جزء من ثقافته في المسجد و الكنيسة فماذا ننتظر لمستقبل الليبرالية ، نحن نقيم بأنفسنا هذه العوائق .
و أنا أفهم أن الليبرالي هو الذي يفهم الرؤية المستنيرة للدين و هو الذي يحاول أن يصالح بين الديني و المدني ، و هو يحاول أن يعيد إكتشاف ما هو إنساني في الدين أيآ كان الدين ، إن الليبرالي منحاز إلى قيمه الإنسانية وإذا لم تحل هذه المشكلة فهناك عائق كبير أمام الطريق الليبرالي .نذهب إلى مابعد ذلك هناك بعض المذاهب تذهب في إتجاهين فمعظم العوائق التي تقع على الليبراليين أن يحددوا موقفهم من الفقر و من التهميش الإجتماعي ، و لايمكن أن يكونوا محايدين أمام الفقر أو أمام التهميش الإجتماعي لأنهم إذا كانوا محايدين لا يعودوا ليبراليين و أصل الليبرلية رفض الإقصاء و رفض التهميش و الفقر نوع من التهميش .الأمر الآخر عندما يتحدث بعضهم عن تحديد دور الدولة نصبح أمام سؤال ؟ و دعونا نتصور أن هناك حزب سياسي ليبرالي يطرح نفسه لدخول الإنتخابات و الفوز بأغلبية مطلقة و إذا كان هذا الحزب يقول أن الدولة يجب تهميشها ، فإذا ما كان الهدف تهميش الدولة أو إلغائها فماذا سيحكم هذا الحزب ؟ و عندما نعود إلى الجذور سنكتشف أن الليبرالية لم تنفي الدولة و إنما تشكيل الدولة بدأ في العصر الليبرالي و إذا ما إحتكمنا إلى آدم سميث ففي كتاباته عن الدولة "أن تتدخل لإجبار أولاد الفقراء الدخول إلى المدارس حتى و إن رفض أولياء الأمور" ، إذآ منح الدولة حق في إدارة المجتمع المدني و هو من قال "إذا حدث فساد إقتصادي على الدولة أن تتدخل في إدارة المال العام" و بالتالي أعطى للدولة حق التدخل في إدارة السوق ، لم يحدث أن حاولت الليبرالية قط تهميش الدولة أو إلغائها و لكن كان هناك دعوة حقيقية لإعادة النظر في مفهوم الدولة بإعتبارها دولة القانون و بإعتبارها الدولة القادرة على مشروع نحو المستقبل .هذه المعطيات جميعآ بعضها من صنع الليبراليين و البعض الآخر من معطيات مجتمعنا و لكن لتجاوز هذه المعوقات و في تقديري أنه يمكن تجاوزها ، فلا بد لنا من الإيمان بالناس و إحترامهم و ليس إحترامهم إدعاءآ و لكن إحترامهم لأنهم يستحقون ذلك .بعد أن ألقى كل من المتحدثين كلمته تم فتح حوار مع الحضور و في النهاية وجه شادي طلعت رئيس الإتحاد التحية إلى الحاضرين و توجه بالشكر إلى المنصة و منوهآ عن موعد الندوة القادم إن شاء الله .